الرجل؛ فهو أيضا منع لأنه يؤثر في صلاتها إذا أثرت في صلاته - من أجل خوف اشتغال والفتنة بها - أثر في صلاتها إذا صلى إلى جنبها، لأن الذي يخاف من المرأة أكثر مما يخاف من الرجل، لأن الشهوة خلقت عشرة أجزاء؛ تسعة في النساء، كذلك روي عنه ﵇(١)، فاشتغال قلبها بكون الرجل إلى جنبها أكثر من اشتغال قلب الرجل بكونها إلى جانبه.
وأما قولهم:"إن المرأة تصلي خلف الرجل، وأنه أغلظ من وقوفها إلى جانبه؛ لأنها ترى منه ما لا تراه إذا كانت بجنبه، فكذلك الرجل"؛ فغلط، وقوف كل واحد إلى جنب صاحبه أغلظ؛ لأن مقاربة الاجتماع أشد في الشهوة وأبلغ منها مع التباعد، فهو إذا وقفت بجنبه أو وقف بجنبها، وإن كان لا يرى كل واحد من صاحبه ما يراه إذا كان خلفه أغلظ، فإن للجنبين والملاصقة له ما ليس للافتراق، فكل واحد منهما منهي لا يؤثر في صلاة صاحبه، فإذا لم تفسد صلاتها إلى جنبه؛ لم تفسد صلاته، فصار كل واحد منهما منهيا عن ذلك لأجل صاحبه لا لمعنى فيه، فأشبه المصلي في الدار المغصوبة، والثوب المغصوب على ما تضمنتموه، ثم مع هذا المعنى فالنهي موجود فيهما إذا كانا في صلاتين؛ لأن ما يخاف على الرجل من كونها إلى جانبه مثل ما يخاف عليه إذا كانا في صلاة واحدة لا فرق بينهما، فإذا لم
(١) قال ابن القيم: "وأما قول القائل: إن شهوة المرأة تزيد على شهوة الرجل؛ فليس كما قال، والشهوة منبعها الحرارة، وأين حرارة الأنثى من حرارة الذكر؟ ولكن المرأة - لفراغها وبطالتها وعدم معاناتها لما يشغلها عن أمر شهوتها وقضاء وطرها - يغمرها سلطان الشهوة، ويستولي عليها، ولا يجد عندها ما يعارضه بل يصادف قلبا فارغا، ونفسا خالية، فيتمكن منها كل التمكن، فيظن الظان أن شهوتها أضعاف شهوة الرجل، وليس كذلك … إعلام الموقعين (٢/ ٣٢٦) وانظر أيضا بدائع الفوائد (٤/ ٨١٥ - ٨١٦).