للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يؤثر كونها إلى جانبه في صلاته وإن كانا في صلاتين؛ كذلك لا يؤثر في صلاته، وإن كانا في صلاة واحدة، وكذلك وقوفها بجنبه في صلاة الجنازة ما يلحقهما من شغل القلب كل واحد منهما بصاحبه، وهما في صلاة واحدة، ولا تفسد صلاة الرجل إلى جنبها فيها، فاستوى الحكم في سائر الصلوات، وصرف النهى إلى الكراهية.

فإن قيل: الرجل لا يجوز أن يصلي وراءها، وهي تصلي وراءه، فعلمنا أن النهي تعلق عليه دونها.

قيل: إن أردت أنه لا يجوز أن يصلي وراءها ابتداء بها؛ فهذا لا يلزم؛ لأنها في نفسها لا يصح أن تكون إمامة (١)، كما لو وقف إلى جنبها وجعلها إمامة له، وأما إن صلى وهي قدامه - وهو يصلي لنفسه -؛ فإنه مكروه، وصلاته جائزة، والكراهية فيه أنه يرى عجزها وما تدعوه نفسه إليه منها، فيشتغل قلبه كما تدعوه نفسه إلى مستقبلها، وليس كذلك هي إذا وقفت خلفه، لأنه لا أرب لها في ظهره، ولا يمتنع أن يفترق الحكم لهذا المعنى الذي بيناه.

وقد روى ابن عباس أن امرأة دخلت المسجد وكانت جميلة، فوقفت في الصف الأول، فمن الناس من تقدم حتى لا يقع بصره عليها، ومنهم من يلاحظها ببصره، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ (٢)، ولم يأمرهم بإعادة الصلاة.


(١) وقد أفرد المصنف هذه المسألة بالبحث، قال في عيون المجالس: "ولا يأتم رجل بامرأة، وبه قال سائر الفقهاء إلا أبا ثور والطبري رحمهما الله فإنهما أجازا ذلك للرجال والنساء، وأجازه الشافعي للنساء خاصة. وقال ابن أيمن : ومثله عندنا". (١/ ٣٦٨ - ٣٦٩) وانظر أيضا الإشراف (١/ ٣٧٠) المجموع (٥/ ٣٢٧ - ٣٣٩).
(٢) سورة الحجر، الآية (٢٤). =

<<  <  ج: ص:  >  >>