وأيضا فإنه إذا سبقه الحدث؛ جاز له أن يستخلف، فلو كان حكم الصلاة قد بطل؛ لما جاز له أن يستخلف في صلاة باطلة.
قيل: هذا بعينه ينقلب عليكم، فمن تعمد الحدث أليس من قولكم أنه يستخلف وتصح صلاة المأمومين، فعلمنا أن طريقهما مختلف، وعندنا أن الإمام لو تعمد الحدث لبطلت صلاته وصلاة المأمومين؛ لأنه فسق بذلك لا من أجل الحدث؛ لأن صلاتهم لم تفسد بحدثه، لأنه لو نسي ففرغ من الصلاة وهو محدث؛ لم تبطل صلاتهم.
وهذه مسألة خلاف بيننا وبين جماعة من الفقهاء، ووفاق معكم.
فإن قيل: فإن هذا إجماع الصحابة ﵃، وذلك أنه روي عن أبي بكر وعمر، وعلي، وابن مسعود وابن عمر وسلمان جواز البناء (١).
وعن عمر أنه توضأ من الرعاف وبنى، وذلك بحضرة الصحابة من غير خلاف.
قيل: لا يمنع أن يكون في المسألة خلاف، على أن الذي حكيتموه عن هؤلاء لم يذكروا حدثا معينا يتفق على أنه حدث، وحكيتم عن عمر أنه بنى على الرعاف، وهو مذهبنا على ما بيناه، فيجوز أن يكون قول الباقين أنه يبني على الرعاف.
وقد قلنا: إن الرعاف لا ينفي الطهارة، وإنما ينافيها الحدث.
وعلى أنه لو صح عندهم أن يبني في حدث متفق عليه؛ لم يمتنع أن
(١) أخرجه عنهم ابن أبي شيبة (٣/ ٦٤ - ٦٥) وأخرجه عبد الرزاق عن ابن عمر وابن مسعود وعلي (٢/ ٣٣٨ - ٣٤٢).