للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد اختلفت الناس في ذلك، فقال قوم: إن النبي لم يتلفظ بذلك، وأنه صاح به الشيطان، فقدر المشركون أن النبي قاله، ومن الناس من قال: إن النبي قاله، وقد يجوز أن يعترض عليه ذلك، غير أنه لا يُقَر عليه، ألا ترى إلى قوله : "إنما أنسى لأسُن" (١).

وكان في هذا دلالة على صدقه عند المشركين في الوحي؛ لأنه لو كان قال من عنده لم يرجع عنه، فلما بين الله تعالى أنه إلقاء من قبل الشيطان، وأنه نسخه؛، دل على صدقه عندهم.

وقيل هذا أيضا لما سحر النبي على هيئة السحر، وأراد الله تعالى أن يعلم الناس أنه ليس بساحر، إذ لو كان ساحرا لاجتنب السحر، فموضع الدلالة من هذا الخبر أن النبي تكلم بذلك وبنى على صلاته.

وأيضا فقد قال: "وإنما لامرئ ما نوى" (٢).

والناسي قد نوى أن تكون له صلاة.

وأيضا فإن كل شيء جنسه لا يضاد الصلاة؛ فإن إثباته على سبيل السهو حد العلة لا يقطع الصلاة كالسلام.


(١) أخرجه مالك في الموطأ كتاب السهو باب العمل في السهو (٣) وقال ابن عبد البر: "لا أعلمه يروى عن النبي بوجه من الوجوه مسندا و لا مقطوعا من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة في الموطأ التي لا يوجد في غيره مسندة ولا مرسلة، والله أعلم، ومعناه صحيح في الأصول". التمهيد (٤/ ٥٧٨).
وقال ابن حجر: "هو من بلاغات مالك التي لم توجد موصولة بعد البحث الشديد". الفتح (٤/ ١٦٦).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>