للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: أما ما ذكرتموه من القذف؛ فإن قلنا: إنه إذا بدرت منه الكلمة لم تفسد إذا كان ناسيا؛ سقط الإلزام، وإن قلنا إنها تفسد؛ فالفرق بينهما أن القذف محظور في الصلاة وغيرها، فشدد فيه في باب الصلاة حتى استوى عمده وسهوه كالحدث، وأن جنسه لا يجوز مع العمد في الصلاة على وجه، والكلام ليس كذلك؛ لأن عمده يجوز على وجه، وهو غير محظور في غير الصلاة.

وإن قلنا: إن لفظ القذف ولفظ الكفر ناسيا يفسد الصلاة؛ فينبغي أن يفسد الاعتلال فيقال: جنس الكلام المباح مع العمد في غير الصلاة.

فإن قيل: فإن قوله : "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" (١) فيه إضمار الحكم أو المأثم، ولا يجوز أن يراد الأمران جميعا؛ لأنه لا لفظ لهما يعمهما، وإنما يدعى العموم في الألفاظ دون المعاني، والمراد أحد المعنيين وهو المأثم.

ثم لا يمتنع أن يقصد رفع المأثم فنستفيد من جهة الشرع؛ لأنه لو لحقه الخطأ والنسيان بتفريط منه لجاز أن يؤخذ به، وقد كان من تقدم يؤخذون بذلك، فعفي لأمة نبينا عنه، فقد حصلت عنه، فقد حصلت به الفائدة من جهة الشرع.

قيل: أما قولكم: إنه لا يدعى العموم في المعاني؛ فهذا محال، نحن نقول بالعموم في المعاني كما نقول به في الألفاظ (٢).


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٢٥٣)، وهو بهذا اللفظ مشهور في كتب الفقه؛ لكن قال ابن الهمام في شرح فتح القدير: "لا يوجد في كتب الحديث". وكذا قال الزيلعي في نصب الراية. وابن حجر في الدراية، وقال الألباني في الإرواء (٨٢): منكر بهذا اللفظ.
قلت: وقد تقدم بلفظ: "رفع الله هذه الأمة … ".
(٢) وهو الذي اختاره ابن الحاجب والعضد وغيرهما. وهو الذي أشار إليه في المراقي بقوله:
وهو من عوارض المباني … وقيل للألفاظ والمعاني
وانظر الإبهاج (٢/ ١٣ - ٨١٤) العقد المنظوم (١/ ١٤١) نشر البنود (١٦٠ - ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>