للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إن قوله : "رفع عن أمتي" (١) تقديره: رفع عنهم حكم الخطأ والنسيان، لم يقل: حكم من الخطأ والنسيان، ولكنه أضاف الحكم إليهما، فإنما يتوجه هذا إلى جنس الحكم، لا يخص بعضه من بعض، كما لو قلت: قد رفعت عنك ضرب زيد، أو كلام زيد؛ لتوجه ذلك إلى جنس ضربه وكلامه لا إلى بعضه، فإذا كان المراد جنس الحكم؛ دخل تحته الحكمان جميعا، ولم يختص به أحدهما دون صاحبه.

وأما قولهم: "إن قوما كانوا قبل هذه الأمة يؤاخذون بالنسيان"؛ فلا يعرف هذا.

وقولهم: "إنه لو أخطأ بتفريط أو نسي كذلك لكان مؤاخذا بهما"؛ فهذا إنما يؤاخذ بالتفريط لا بالنسيان؛ لأن التفريط سبب الخطأ والنسيان، والتفريط لا يكون إلا عن عمد.

فإن قيل: فإن خبر ذي اليدين يحتمل أن يكون كان حين إباحة الكلام، ويحتمل أن يكون في حال حظره، وإذا احتمل الأمران جميعا؛ لم يكن أحدهما أولى من صاحبه فسقط، لأن المعارضة قد حصلت.

قيل: هذا يلزمك مثله في أن يكون النبي (٣٧٢) خبر لما سلم من اثنتين ناسيا (٢)، لأن هذا لو كان حين إباحة الكلام فسلم؛ لكان حكم العمد والنسيان في السلام سواء، فينبغي أن تفسد صلاة من سلم ناسيا، كما لو تكلم ناسيا، لأن النبي ما فعل الأمرين جميعا سلم وتكلم.


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٢٥٣).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>