للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى أن خبر ذي اليدين رواه أبو هريرة، وإنما صحب النبي أربع سنين، والكلام منع منه بمكة فيما يقال (١)، وكذلك جاء ابن مسعود من أرض الحبشة إلى النبي وهو يصلي بمكة فسلم عليه فلم يرد عليه، وقال له بعد الصلاة: "إن الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا تتكلموا في الصلاة" (٢).

فإن قيل: فإن الإباحة وقعت دفعة ثانية.

قيل: هذا لا يقبل إلا بنقل.


(١) قال ابن عبد البر: "من ذكر في حديث ابن مسعود أن رسول الله قال له في حين رجوعه من أرض الحبشة: "إن الله أحدث ألا تكلموا في الصلاة" فقد وهم ولم يحفظ، ولم يقل ذلك غير عاصم بن أبي النجود، وهو عندهم سيئ الحفظ، كثير الخطأ في الأحاديث، والصحيح في حديث ابن مسعود أنه لم يكن إلا بالمدينة، وبالمدينة نهي عن الكلام في الصلاة؛ بدليل حديث زيد بن أرقم أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة حتى نزلت: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ فأمروا بالسكوت ونهوا عن الكلام فيها، وقد روي حديث ابن مسعود بما يوافق هذا ولا يدفعه، وهو الصحيح؛ لأن سورة البقرة مدنية، وتحريم الكلام في الصلاة كان بالمدينة". التمهيد (٤/ ٤٦٧).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٤٨٧)، وتقدم ما قاله ابن عبد البر بهذا الصدد، وقد جنح الخطابي إلى أن رجوع ابن مسعود المذكور في هذا الحديث كان في المرة الثانية، وذلك أن بعض المسلمين هاجر إلى الحبشة ثم بلغهم أن المشركين أسلموا فرجعوا إلى مكة، فوجدوا الأمر بخلاف ذلك، واشتد الأذى عليهم، فخرجوا إليها، أيضا، فكانوا في المرة الثانية أضعاف الأولى، وكان ابن مسعود مع الفريقين، ورجوعه المذكور هنا هو الرجوع الثاني، بدليل أنه ورد عند الحاكم من طريق أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود: "بعثنا رسول الله إلى النجاشي ثمانين رجلا .. فذكر الحديث بطوله، وفي آخره: "فتعجل ابن مسعود فشهد بدرا". ويقوي هذا الجمع رواية كلثوم الخزاعي فإنها ظاهرة في أن كلا من ابن مسعود وزيد بن أرقم حكى أن الناسخ قوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾. اهـ بتصرف من الفتح (٤/ ١٢٠) قلت: ورواية كلثوم المشار إليها أخرجها النسائي (١٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>