للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و "من تكلم انتقضت عليه صلاته" (١).

قالوا: وقد قيل: إن هذا حديث ذي الشمالين وهو مات ببدر، وأبو هريرة متأخر الإسلام (٢).

قيل: أما قولكم: إن الزهري ذكر الحديث، وقال: ذو الشمالين مات ببدر؛ فهذا مما يعد من خطأ الزهري؛ لأنه ظن أن ذا اليدين هو ذو الشمالين، وليس كذلك، لأن ذا الشمالين عمير بن نضلة مات ببدر، وذو اليدين اسمه الخرباق عاش إلى زمن معاوية ، فالحديث معروف مشهور.

أما قولكم: "إن النبي قال: "كل ذلك لم يكن" (٣)، فنفى الجميع، وأنه إن أراد نفي أحدهما - وهو القصر -، فإنه يعلم أن النسيان قد حصل فلا يجوز كلامه فيعلم أن هذا كان في وقت إباحة الكلام"؛ فإننا نقول: فإن النبي قطع أن الأمرين لم يجتمعا (٤)، لأنه علم أن القصر لم يحصل، وهو شاك في النسيان، فلهذا سأل، وهو سائغ أن يسأل إنسان عن أمرين يقطع أن أحدهما لم يكن وهو شاك في الآخر، فيقول: إن الأمرين لم يكونا، أي لم يجتمعا، فإني أقطع أن أحدهما لم يكن، وأنا شاك في الآخر، ولو صرح بهذا؛ لكان صحيحا، فقد تكلم وهو يحاور حضور النسيان، وكلامه عامدا لا محالة تكلما عامدين، والنبي يعلم ذلك منهما، فبنى وبنوا معه،


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٥٣٧).
(٢) تقدم في المسألة قبل هذه رد هذه الشبه حول هذا الحديث.
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٥٢٩).
(٤) تقدم ما فيه، ولو قال بأن في الكلام محذوفا يتوقف عليه صدق الكلام؛ لكان أحسن من حمله على ما ذكر، وذلك المحذوف هو: "كل ذلك لم يكن في ظني" والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>