للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يقل لهما: "استأنفا فإنكما تكلمتما وأنتما قد علمتما النسيان مني لا محالة كما علمه ذو اليدين، وإنما تكلمت بمسألتي إياكما وأنا شاك في ذلك"، فعلمنا أن الكلام على هذا الوجه لا يفسد الصلاة.

وأما حملكم إياه على وقت إباحة الكلام؛ فقد تقدم كلامنا على هذا؛ لأن خبر ذي اليدين بالمدينة، وحظر الكلام بمكة لما جاء ابن مسعود من أرض الحبشة (١)، - وهو في الصلاة - فسلم عليه، فلم يرد عليه، فلما سلم قال: "إن الله يحدث من أمره ما يشاء، ومما أحدث ألا تتكلموا في الصلاة" (٢).

فإن قالوا: فقد كان حظر الكلام ثم أبيح ثم حظر، فيجوز أن يكون هذا في الإباحة الثانية.

قيل: إذا ورد الخبر، وكان الحظر قد تقدم وعرفناه؛ لم يجز أن نحمله على النسخ بالجواز، مع إمكان استعماله وحمله على فائدة نستفيدها من جهته.

وعلى أن الكلام مباح إذا كان لمصلحة الصلاة، ومحظور إذا كان لغير ذلك، وهذا حكم زائد مستفاد يزيد على استعمالكم، فلا ينبغي أن نسقطه بالمحتمل.

ثم إن حملكم إياه على وقت إباحة الكلام لا يفيدنا شيئا، فسقط.

فإن قيل: فقد روي أن السرعان خرجوا يقولون: قد قصرت الصلاة،


(١) انظر ما تقدم (٤/ ٥٤٣).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>