للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسلمين، فبعث خالد إليه فأخذ السلب منه، قال عوف فأتيته فقلت: يا خالد! أما علمت أن رسول الله قضى بالسلب للقاتل، قال: بلى، ولكنني استكثرته، فقلت: لتردنه عليه، (٣) فأبى أن يرد، قال عوف: فاجتمعنا عند النَّبِيّ فقصصت عليه قصة المددي، وما فعله خالد، فقال : يا خالد! ما حملك على هذا؟ قال يا رسول الله! استكثرته، فقال رده عليه، قال عوف: فقلت يا خالد! ألم أوف لك، فقال : وما ذاك؟ فأخبرته، فغضب وقال: يا خالد! لا ترده عليه، ثم قال: هل أنتم تاركون لي أمرائي، لكم صِفوة أمرهم، وعليكهم كدره" (١).

فصح بهذا أن السلب لم يكن مستحقا كسائر الحقوق، وإنما هو كعطية الوالي؛ لأنَّهُ لو كان مستحقا؛ لم يمنعه منه لأجل كلام عوف بن مالك، كما لا يمنع من سائر الأملاك والحقوق، والاعتراض إنما كان (٢) من عوف، ولم يكن من المددي فيعاقب عليه، مع أن النَّبِيّ لا يمنع الحقوق بالعقوبة.

وقد روي أن إياس بن سلمة بن الأكوع روى عن أبيه: "أن عينا (٣) للمشركين أتى النَّبِيّ وهو في سفر، فجلس عند أصحابه ثم انسلّ، فقال


(١) أخرجه بطوله أبو داود (٢٧١٩) والبيهقي (٦/ ٥٠٥ - ٥٠٦) وهو عند مسلم (١٧٥٣/ ٤٣ - ٤٤) بلفظ أخصر من هذا.
وقوله "لكم صفوة أمرهم": بكسر الصاد: خلاصة الشيء وما صفا منه، "وعليهم كدره": أي على الأمراء، الكدر بالتحريك ضد الصافي. عون المعبود (٤/ ٢١٢).
وقال القاضي عياض في الإكمال (٦/ ٦٩): "صَفْوة وصِفوة، يريد أنه تقاضاه جميع المال وحيطة البلاد، ومداراة الناس على الأمراء، وللناس أعطياتهم صافية، ثم ما كان من خطأ في ذلك، أو غفلة، أو عبث، أو سوء قالة؛ فعلى الأمراء، والناس منه أبرياء".
(٢) في الأصل: يكون.
(٣) أي جاسوسا. انظر النهاية (٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>