للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تطب نفس الآخَر؛ لم يكن للمرء ذلك الشيء؛ لأن نفس إمامه لم تطب.

وعلى أننا إنما نعلم طيب نفس الإمام بشيء نعلمه، فإن نادى بذلك أو شرطه أو أذن فيه؛ علمنا طيب نفسه به، فكان السلب للقاتل على هذا الوجه.

وأما الثاني من قولكم: "إنه عام في السلب وغيره فخصصتم السلب"؛ فإننا نقول: إن التَّخْصِيص لم يثبت لكم؛ لأننا قد عارضناكم فيه بما قد تقدم.

فإن قيل: فإن حديث معاذ بن عمرو ومعاذ بن عفراء إنما أعطى السلب بن عمرو لأنَّهُ كان قد أثخنه (١)، ومعاذ بن عفراء أجاز عليه (٢)، وعندنا إذا أثخنه أحدهما (١٤) بالضرب والآخر ذبحه؛ كان السلب للمثخن لا للذابح.

قيل: هذا غلط؛ لأنهما تنازعا فلم يقل هذا: أنا أثخنته وأنت أجزت عليه، فأخذ النبي سيفيهما، فنظر إلى الدم عليهما، ثم خص بالسلب أحدهما، وكل واحد منهما قال: أنا قتلته.

فإن قيل: فإن حديث عوف بن مالك وخالد من أقوى حجة لنا في المسأل من طريق الظاهر، وذلك أن خالدا أخذ السلب فقال له عوف: "أما علمت أن رسول الله جعل السلب للقاتل؟ قال: نعم" (٣).


(١) أي أثقله بالجراح، والإثخان المبالغة في الشيء والإكثار منه. انظر النهاية (١٢٠ - ١٢١).
(٢) "ونظره لسيفيهما واستدلاله منهما على أيهما قتله؛ دليل يقويه، فإن من أثخن له مزية في القتل، وموضع الاستدلال منه أنه رأى في سيفيهما مبلغ الدم من جانبي السيفين ومقدار عمق دخولهما في جسم أبي جهل، ولذلك سألهما: هل مسحاهما، ليعتبر مقدار ولوجهما في جسمه، وقوله: "كلاكما قتله" وإن كان الواحد المثخن؛ ليطيب نفس الآخر ولا يكسره".
أفاده ابن الملقن في التوضيح (١٧/ ٥١٣).
(٣) تقدم تخريجه (٥/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>