للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: هذا إخبار عما يفعله تعالى في الآخرة من العذاب، وليس يتعلق هذا بضمان دية؛ لأننا قد بينا لكم حكم النساء والصبيان الذين لا يعقلون الدعوة إذا قُتلوا لم تلزمهم دية.

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا﴾ (١).

قيل: هذا لا يفيد حكم قتل المسلم الكافر، وإنما ذكر تعالى ما طريقه الانتقام من جهته، فلا تعلق لهذا بضمان الدية.

على أن هذا ورد في قوم قد جاءتهم الرسل، وهو في الآية (٢).

فإن قيل: فإنه ذكر بالغ محقون الدم؛ فجاز أن يكون على قاتله الضمان، أصله المسلم.

قيل: عن هذا أجوبة:

أحدها: أن المسلم إذا اختار المقام بدار الحرب؛ لم يجب في قتله دية على ما نقول (٣)، فقد انتقض على أصلنا.

وجواب آخر: وهو أننا لا نقول: إنه محقون الدم على الإطلاق، وليس كل من نهينا عن قتله يكون محقون الدم حتَّى يجب في قتله الضمان، ألا ترى أن الرهبان، والشيخ الفاني، والنساء والولدان (١٨) قد منعنا من قتلهم (٤)،


(١) سورة طه، الآية (١٣٤).
(٢) حيث قال قبلها: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ .. ﴾ الآية.
(٣) انظر ما تقدم قبل قليل حول هذا (٥/ ٣٥).
(٤) وسيفصل المصنف القول في ذلك فيما سيأتي (٥/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>