للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبلغه الدعوة قال: إن في كتابنا أن نبيا يظهر وينسخ شريعتنا، ونحن به مؤمنون إذا ظهر وبلغتنا دعوته، مصدقون له؛ نظرنا في قتله، وأوجبنا الدية، فأما إذا لم يظهر لنا ذلك وهم يجدون صفة نبينا في كتابهم، ويعلمون أنه سيبعث، وهم يعتقدون خلافه وتكذيبه، وأن لا ينتقلوا عن شريعتهم؛ فسواء بلغتهم الدعوة أو لا، وقد خبر الله عنهم فقال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾ (١).

وقال: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (٢).

فسبيل من لم تبلغه (١٩) الدعوة منهم إن كان قبل مصدقا؛ أن يظهر ذلك ويعرف به، فإن لم تبلغه؛ نظرنا حينئذ في قتله، وإنما تجب الدعوة لجواز أن يرجعوا عما هم عليه إلى الإسلام، [لا لأن] (٣) نعرفهم أن شريعتهم منسوخة بنبينا ، فإنهم قد علموه ووجدوه مذكورا في كتبهم، كما ذكر الله تعالى عنهم ذلك، فهم محجوجون بكتبهم قبل أن يُدعوا إلى الإسلام.

فإن قيل: المعنى في الحربي أنه مفرط معاند، فلهذا لم يكن قتله مضمونا، وليس كذلك من لم تبلغه الدعوة؛ لأنَّهُ غير مفرط؛ لأن الدعوة لم تبلغه، ولم يعلم بالإسلام، فجاز أن يكون مضمونا.

قيل: قد قلنا فيما تقدم: الحربي وإن كان مفرطا؛ فصبيانهم ليسوا بمفرطين، وليس في قتلهم دية.


(١) سورة البقرة، الآية (١٤٦).
(٢) سورة الأعراف، الآية (١٥٧).
(٣) في الأصل: لأن لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>