للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّبِيّ بعث الوليد بن عقبة مصدِّقا (١) إليهم (٢)، فعلم أنهم كانوا مسلمين.

قيل: هذا كلام لا يتحمل؛ لأنَّهُ إنما قسم ما غنمه منهم، وما غنمه منهم لم يكونوا مسلمين وقت الغنيمة، فإن كانوا أسلموا قبل أن تقسم الغنيمة ثم أرسل إليهم بعد ذلك مصدقا؛ فإن هذا غلط؛ لأن النَّبِيّ غنم بني المصطلق سنة خمس (٣)، وهم أسلموا سنة عشر، وإنما بعث الوليد بن عقة سنة عشر بعد الفتح بخمس سنين، فسقط ما ذكروه.

وعلى أنهم وإن كانوا مسلمين؛ فإن من حولهم كانوا كفارا كلهم.

وأيضا فإن القياس يدلُّ على صحة قولنا، وهو أن كل موضع إذا قسمت الغنيمة فيه مضت ولم تبطل؛ فإنه يجوز فيه القسمة ولا تكره، دليله دار الإسلام.

ونقول أيضًا: كل موضع جازت فيه قسمة الثياب إذا احتيج إليه؛ جاز فيه قسمة غير الثياب، أصله دار الإسلام.

أو نقول: كل غنيمة صح قسمتها في دار الإسلام؛ جاز قسمتها في دار الحرب، دليله الثياب.


(١) "المصدِّق هو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أربابها". النهاية (٥١١).
(٢) أخرجه البيهقي (٦/ ٩٣ - ٩٤) وقال: "الذي يستدل به على أن ذلك كان بعد غزوة بني المصطلق بمدة كثيرة ويشبه أن يكون سنة عشر كما حفظه الشافعي ؛ أن الوليد بن عقبة كان زمن الفتح صبيا، وذلك سنة ثمان، ولا يبعثه مصدقا إلا بعد أن يصير رجلا".
(٣) وهو قول عروة وابن شهاب، وقال به الشافعي، وأصح ما روي عن ابن إسحاق أن ذلك كان سنة ست. نص عليه البيهقي في السنن (٦/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>