للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما روي من حديث عبد الله بن [جحش (٢٣) والعلاء الحضرمي] (١) وحمل الغنيمة إلى رسول الله حتَّى قسمها بينهم؛ فلا دلالة فيه؛ لأنهما شريكان ومعهما النَّبِيّ يأخذ الخمس، فلم يجز لهما القسمة دون أن يأخذ النَّبِيّ الخمس، ولو لم يكن فيه خمس؛ لجاز أن يكونا تشاحا وتشاجرا، فلم يكن بد من قاسم يحكم بينهما ويلزمهما الواجب، وهي فعلة واحدة تحتمل ما تحتمله.

فإن قيل: فإن هذه المسألة مبنية على أصلنا أن الحق في القسمة يثبت لجماعة المسلمين بالحيازة إلى دار الإسلام، ولا يُملك حتَّى تقع فيها القسمة، فإذا كان كذلك؛ لم ينبغ للإمام قسمتها بينهم قبل ثبوت حقهم في الغنيمة؛ لأنَّهُ لو مات أحد من الجند وقد حصلت الغنيمة قبل أن يحوز بدار الإسلام؛ لم يكن لورثته شيء منها، ولو مات بعد إحرازها؛ انتقل نصيبه إلى ورثته، وكذلك نقول: إذا لحقهم جيش آخر قبل إخراجها إلى دار الإسلام؛ شركوهم فيها (٢)، وإذا كان كذلك؛ لم ينبغ للإمام قسمتها.

قيل: ما ذكرتموه من أصلكم؛ فإننا نقول: إن الغانمين قد تعلق لهم حق بالغنائم، ولكنه ملك غير مستقر، ثم ينتقل إلى ورثتهم إذا ماتوا قبل القسم، كالشفعة (٣)، سواء كانت الغنيمة في دار الحرب، أو حصلت في دار الإسلام، وهذا مثل ما تقولون في الثياب إنها تقسم في دار الحرب، فإن كانوا لم يملكوا شيئًا إلا بالحيازة إلى دار الإسلام؛ فالثياب بهذه المنزلة؛ لأنّها من الغنائم،


(١) انظر ما تقدم (٥/ ٤٢).
(٢) وسيناقش المصنف هذه المسألة بإسهاب فيما سيأتي (٥/ ٥٩).
(٣) سيبين المصنف وجه المشابهة في نهاية الفصل الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>