للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن المسلم لما جاز أن يملك على الكافر بالقهر والغلبة؛ جاز أن يملك الكافر عليه، يدلك على ذلك الكافران لما جاز أن يملك أحدهما على صاحبه بالغلبة؛ جاز أن يملك الآخر عليه ألا ترى أن المسلمَين لما لم يملك أحدهما على صاحبه بالغلبة؛ لم يملك الآخر عليه.

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا﴾ (١).

فامتن تعالى علينا بأن جعل لنا أن نتملك أموالهم وخولهم (٢) إعزازا للإسلام، وإذلالا للشرك، فلا يجوز أن يجعل للشرك هذه الجهة لكي لا يكون مساويا لنا.

قيل: إنما هذا إخبار عما فعله بنا لما ملكنا أرضهم وديارهم، فالمنة إنما حصلت على ما حصل لنا من جهتهم وأنهم لم يظفروا بنا (٣)، فأما إذا ظهروا علينا وأخذوا أموالنا ما يكون حكمهم؟ ليس في الآية ما يدل عليه. (٤٩)

وقد ذكرنا قوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ﴾ (٤)، وأنه سماهم فقراء لما حصلت أموالهم في أيدي الكفار، فليس فيما ذكروه دلالة على أنهم إذا ظفروا أو أخذوا مال المسلمين؛ أنهم لا يكون


(١) سورة الأحزاب، الآية (٢٧).
(٢) الخوَل: حشْم الرجل وأتباعه، واحدهم خائل، وقد يكون واحدا، ويقع على العبد والأمة، وهو مأخوذ من التخويل: التمليك، وقيل: من الرعاية النهاية (٢٩٠).
(٣) ويجوز أن يقال: إنه من علينا بذلك لأنه يحصل لنا من وجه مباح، ولا يحصل لهم مثله من وجه مباح، فهذا وجه الامتنان. التجريد (١٢/ ٦١٩٢).
(٤) سورة الحشر، الآية (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>