للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهم يد ولا شبهة ملك، وقد دللنا على ذلك.

فإن قيل: فقد روى عمران بن حصين "أن المشركين سبوا امرأة من الأنصار وناقة للنبي ، فانفلت ذات ليلة من وثاقها فقصدت الإبل، فكلما مشت نحو ناقة منها رغت (١)، فتتركها، حتى أتت إلى تلك الناقة التي للنبي وهي العضباء، فمستها فلم تَرْغ، فأخذتها وركبتها وصاحت عليها، فانطلقت، فطُلبت فلم يُقدَر عليها، ونذرت إن نجاها الله تعالى؛ نحرتها، فوافت المدينة، فعرفوا الناقة، فعرّفوا النبي ، فقال: بئسما جزيتها، لا نذر في معصية الله، لا نذر فيما لا يملكه ابن آدم، وأخذ الناقة" (٢).

فموضع الدلالة من الخبر أن النبي أخذ الناقة منها، ولم يعطها قيمتها؛ لأنه لم ينقل.

قيل: لا حجة في هذا الخبر؛ لأننا نقول: إن لهم على ما يأخذونه شبهة ملك ويد، حتى إذا خرج عن أيديهم إلى المسلمين؛ نظرنا؛ فإن لم يقع في المقاسم ولا حصل في يد إنسان بعوض؛ فإنه يعود الملك إلى صاحبه (٣)، فالمرأة الأنصارية لما أخذت الناقة بلا عوض؛ انتقل الملك عن المشركين، وحصل ملكها للنبي ، فأما إذا قسمت الغنائم وحصل الشيء في يد أحد بعد القسمة؛ حصلت له شبهة ملك عليه؛ لأجل أنه حصل له بعوض هو حقه من الغنائم، فلا يخرجه عن يده إلا بعوض؛ لأن الغانمين قد اقتسموا وتفرقوا،


(١) من الرغاء، وهو صوت الإبل، من رغا يرغو رغاء. انظر النهاية (٣٦٦).
(٢) أخرجه مسلم (٧/ ١٦٤١) بأطول مما هنا.
(٣) نقل ابن الملقن في التوضيح (١٧/ ٣٢١) نص عبارة ابن القصار، وذكر هذه العبارة هنا بقوله: فإنه يعود إلى ملك صاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>