للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو أتلفه قبل يخص (١) صاحبه، لم يلزمه شيء لصاحبه، كما لو أتلفه المشرك لم يلزمه غرم لصاحبه.

وقد قلنا ومن خالفنا في عبد أقر أنه سرق من زيد دينارا وعينه، وكذبه السيد، وقال: بل هو: ديناران: إننا ندفع الدينار إلى السيد، ونقطع العبد، فلا يخلو أن يكون هذا الدينار للسيد؛ فلا ينبغي أن يقطع عبده، أو يكون لزيد؛ فلا يأخذه السيد.

وهذه أمور مشكلة إذا وقعت حكم لها بأحكام مختلفة، ألا ترى أن ابن أمة زمعة حكم به رسول الله لزمعة، وجعله ابنه، ثم قال لزوجته سودة بنت زمعة: "احتجي عنه" (٢)، فإن كان أخاها؛ فلا ينبغي أن تحتجب عنه، وإن كان ليس بأخ لها؛ فلا وجه لإلحاقه بزمعة.

وقد ذكرنا الدليل على أن ما أحرزه الكفار من أموال المسلمين أو أتلفوه ثم أسلموا لم يلزمهم الغرم، ولو قتلوا مسلما ثم أسلم قاتله؛ لم يقد به؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (٣).

ولا يخلو المال الذي أتلفوه أن يكون في وقت ما أتلفوه ملكا للمسلم، أو قد ملكه الكافر، فينبغي إذا أسلم أن يغرمه له، وإذا لم يغرمه له بإجماع؛ علمنا أنه قد صار للكافر (٥١) عليه شبهة ملك ويد، حتى يجري مجرى


(١) هكذا بالأصل.
(٢) أخرجه البخاري (٢٢١٨) ومسلم (٣٦/ ١٤٥٧) وهو حديث متواتر ذكره الكتاني في "نظم المتناثر" (ص ١٠٥ - ١٠٦).
(٣) سورة الأنفال، الآية (٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>