للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب الآخر أنه أراد بالسبيل الحجة (١)؛ لأنها بلفظ الخبر، ولا يجوز أن يقع بخلاف مخبره، والحجة لا تكون للكافر على المسلم أبدا.

فأما أخذه لماله فيؤخذ [ … ] (٢)، فعلمنا أنه لم يرد بالآية أخذ المال، وليس تخلو الآية أن من أن تجري مجرى الخبر، أو يكون المراد بها النهي، فيبطل أن تكون خبرا لما قلناه: إن الخبر لا يقع بخلاف مخبره، وقد وجدنا الكفار يأخذون أموال المسلمين، فقد جعل الله لهم سبيلا بعد أن نفاه بقوله: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ (٣).

فصار المراد بالآية أحد أمرين: إما الحجة على ما بيناه، فإنه لا حجة لهم بوجه، أو يكون المراد بها النهي، فنحن نقول: إنهم منهيون عن أخذ أموال المسلمين، وكلامنا حصل فيهم إذا أخذوها هل يحصل لهم يد وشبهة ملك، فقد دللنا عليه، لأنهم لو أتلفوا ذلك ثم أسلموا؛ لم يلزمهم الغرم.

وكذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ﴾ (٤)، فإنه إما أن يكون خبرا، أو يكون المراد به الأمر، فإن كان المراد بها الخبر؛ فلا يجوز أن يقع بخلاف مخبره، وقد وجد أن] (٥) المسلمين تارة ينهزمون، ويظفر بهم العدو، فيحصل المراد منها أحد أمرين، إما الحجة؛ فهي صحيحة باقية


(١) وهو قول السدي. وفي الآية قولان آخران. انظر أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٦٤٠ - ٦٤١) زاد المسير (٢/ ٢٣٠ - ٢٣١).
(٢) كلمة غير ظاهرة.
(٣) سورة النساء، الآية (١٤١).
(٤) سورة الشورى، الآية (٤٢).
(٥) كلمة غير ظاهرة، والمثبت من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>