للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: هذا محال ومكابرة العيان؛ لأننا نعلم يقينا أن مؤنة الفرس أكثر؛ لأنه يحتاج إلى علف وقضيم (١) وماء ومكان، ومن يخدمه ويسوسه، والفارس يخدم نفسه.

فإن قيل: فإن تأثير الرجل في الحرب أكثر من تأثير الفرس؛ لأن الرجل يقاتل بلا فرس، والفرس لا يعمل شيئا بلا فارس، فلما لم يزد الفارس على سهم واحد مع تأثيره؛ فالفرس أولى بأن لا يزاد على سهم واحد.

وأيضا فإن القياس اقتضى أن لا يسهم للفرس أصلا لأنه كالآلة للرجل، وآلة الرجل من سلاح وغيره لا يسهم له، إلا أن الإجماع قد حصل على أنه يعطى سهما، فالقدر الذي أجمعنا عليه أثبتناه، وما زاد عليه واختلفنا (٦١) فيه؛ أسقطناه بمقتضى أصل القياس.

قيل: أما الفصل الأول من تأثير الرجل في الحرب أكثر من تأثير فرسه [فلا يصح] (٢)؛ لأنه به يكر، وبه يحمل ويلحق ما يريده، وبه ينجو إذا خاف لحوق العدو وبه [تقع الهزيمة، ومنها] (٣) ينجي فارسه، وخوف العدو من الفارس أشد من تخوفهم من الراجل، ألا تري أنه قد فرق بين الفرس وبين الآلة التي صاحبها يعمل وهي بانفرادها لا تعمل، فأسهم للفرس كما أسهم للفارس، فإذا أخرج عن الآلة وأسهم له؛ وجب أن يسهم له على حساب مؤنته، والآلة ليست لها مؤونة إلا لإصلاحها، فهو كإصلاح الفرس في نفسه، فأما علفه وسوسه؛ فليس للآلة ذلك.


(١) القضيم: شعير الدابة. الصحاح (قضم).
(٢) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٣) هكذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>