للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن هذا الكلام خرج مخرج الامتنان، وغاية الامتنان إنما يكون بالفتح على وجه العنوة؛ لأن ما كان صلحا فإنه يكون بعقد وعهد وتراض من متعاقدين، وما كان على هذا الوجه؛ لا يقع فيه غاية الامتنان، يدلك على ذلك أن سائر العقود التي تحصل بين المتعاقدين ويعتبر فيها التراضي منهم لا يتعلق بها امتنان لتساويهما فيها.

على أنه تعالى أيد ذلك بقوله: ﴿وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا﴾ (١).

والنصر العزيز لا يكون باتفاق من الطائفتين وتراضيهم؛ لأنه يحصل كل طائفة منهم منصورة على هذا التقدير، فبان بهذا أن النصر العزيز ما كان بالعنوة والقهر دون الصلح.

وقال تعالى في سياق الآيات حيث بلغ إلى ذكر الكفار: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ (٢).

فعلم أن النصر العزيز الذي يحصل به عليهم دائرة السوء؛ هو ما ذكرناه من القهر والغلبة بغير تراض منهم وأنهم مخيرون في الرضا والترك، وهذا (٧٢) [ … ] (٣) بخلاف القهر والغلبة الذي في غاية العزة والنصر، وإذا دخلها صلحا؛ حصل التساوي من الجهتين جميعا، وقد أخبر الله تعالى بالافتراق بين الحالتين.

فإن قيل: فإن المراد بالآية فتحا ظاهرا يتمكن به من قتالهم وحقوقهم


(١) سورة الفتح، الآية (٢).
(٢) سورة الفتح، الآية (٦).
(٣) طمس بمقدار نصف سطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>