للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه، فإذا أطاعوا على هذا الوجه؛ فهو فتح بيّن.

قيل: إن التمكن لا يحصل من الصلح؛ لأنهم لا يكونون بالخوف مِنّا وإجابتهم إلى الصلح بأولى منا في خوفنا منهم وإجابتنا إلى صلحهم، وليس هذا صورة الفتح العزيز، ومعلوم أن قهرنا وغلبتنا إياهم حتى نملك جميع ما في أيديهم مع رقابهم - مع إقامتهم على الكفر -؛ أعز وأبلغ في النصر، هذا معلوم ضرورة، ألا ترى أنهم متى امتنعوا من الصلح؛ لم يتم الفتح.

ثم يؤكد ما ذكرناه؛ أن الله تعالى أضاف الفتح إلى نفسه بقوله: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ (١).

وهذا فيه نهاية الامتنان، وما تولاه هو تعالى فلا يكون إلا على غاية القهر لأعدائه.

فإن قيل: فإن لنا على قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ اعتراضين:

أحدهما: أننا نقول: هذه الآية لم تنزل في فتح مكة، وإنما نزلت عام الحديبية في فتح الحديبية سنة ست [حين] (٢) صالح سهيل بن عمرو [على أن يعودوا] (٣) في القابل، فلما رجع من الحديبية؛ نزل قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾، فقال عمر بن الخطاب: "أفتح يا رسول الله؟ قال: نعم" (٤).


(١) سورة الفتح، الآية (١).
(٢) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٣) غير واضحة بالأصل، والمثبت أقرب إلى رسمها وإلى السياق.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٧٣٦) وغيره، وهو حديث مجمع بن جارية المتقدم. ولكن ليس فيه أن السائل هو عمر، وإنما هو رجل مجهول. انظر تفسير ابن جرير (٩/ ٧٤٦٧ - ٧٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>