للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا كان في سنة ست وفتحُ مكة في سنة ثمان؛ علم أنه لم يرد بالآية فتح مكة، وإنما أراد فتح الحديبية، وكان ذلك فتحا، ألا ترى إلى قول عمر: "أفتح يا رسول الله؟ قال: نعم".

وروي عن جابر أنه قال: "ما كنا نعد الفتح إلا فتح الحديبية" (١).

والاعتراض الآخر: هو أننا لو سلمنا أن الآية نزلت في فتح مكة؛ فإن الفتح لا يقتضي فتحا بالسيف عنوة؛ لأن الفتح ليس أكثر من أن تجري على المشركين أحكام الإمام وتظهر، وهذا المعنى يوجد (٧٣) إذا فتح صلحا، كما يوجد إذا فتح بالسيف.

والجواب: هو أن الذي نزل في الحديبية قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ (٢)، مع ما ذكر فيها من صد المشركين الهدي ومن بمكة من المؤمنين، وتصديق رؤيا رسول الله بقوله: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ (٣).

ويقال: الفتح القريب الذي أعطاه الله تعالى رسوله من الظفر على عدوه في القضية التي قاضاها عليها يوم الحديبية على أن يرجع من العام المقبل (٤).


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٧٤٧٠) وروى نحوه عن أنس بن مالك.
(٢) سورة الفتح، الآية (٢٤).
(٣) سورة الفتح، الآية (٢٧).
(٤) وبه قال مجاهد والزهري وابن إسحاق. انظر تفسير ابن جرير (٩/ ٧٥١٠ - ٧٥١١) وأخرج البخاري (٤١٥٠) عن البراء بن عازب قال: "تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية .. ".

<<  <  ج: ص:  >  >>