للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكن] (١) في الحديبية، وأن الفتح المبين الذي فيه النصر العزيز ويقع به نهاية الامتنان؛ هو الذي يكون بالقهر والغلبة بغير اختيار من المشركين أعداء الله ورسوله.

وأما الفصل الثاني وأن الفتح يكون بغير السيف، وأن أحكام الإمام تجري عليهم؛ فإننا نقول: هذا فتح للمسلمين والكفار، لأنهم إذا صولحوا على شيء ورضوا به؛ فقد اختاروه ورضوا به كما اختار المسلمون ذلك ورضوا به، فليس إحدى الطائفتين بأولى من الأخرى، وهذا إن كان فيه أنهم ينزلون على بعض ما يختارونه، وعلى شيء يكرهونه؛ فهذا بغير اختيار، وهذا لا يكون إلا بالسيف، ومع هذا فإنه إذا قيل "فتح مكة" و "فتحت مكة"؛ لم يعقل منه أن الكفار فتحوها طوعا، وإنما المسلمون فتحوها قهرا وكرها.

ولنا أيضا قوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾ (٢).

فخرج هذا على الوعد والأمن وزوال الخوف، وغايةُ الأمن وزوال الخوف لا يكون في الصلح، وإنما يكون في العنوة والقهر، ألا ترى أنه متى صالحهم؛ فجماعتهم موجودة، وشوكتهم باقية قوية، فلا يؤمن منهم الغدر، فالواجب حمل الآية على غاية الأمن؛ لأنها خرجت على وجه الامتنان وتسكين النفس إلى دخولها، وهذا على الوجه الذي ذكرناه.


(١) طمس بالأصل.
(٢) سورة الفتح، الآية (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>