للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالقصد والعزم، والقول والمباشرة، والصلح ضد هذا كله.

على أن القتال قد وقع من خالد وغيره، فلو كان قد صالحهم؛ لم يحصل (٧٦) تعذيب لهم وخزي ونصر، وشفاء لما في صدور المؤمنين؛ لأن الطائفتين قد تشاركا في التراضي في دخلوا عليه، ونحن نعلم أن النصر والخزي والتشفي إذا أطلق؛ لم يقع إلا بالمبالغة فيهم مع كونهم أعداء الله ورسوله، فأما الصلح؛ فلا يصلح فيه شيء من ذلك، ولا غضاضة [فيه] (١) على أحد الفريقين.

ويبين هذا أن ترك الصلح يؤول إلى القتال، وبقاء الصلح يؤدي إلى تركه لأجل بقائهم على عقد الصلح، وهذا ينفي جميع ما ذكر في الآية من الشروط التي خبر الله تعالى بكونها، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ (٢)، وقد كان بهذه الصفة وقت فتح مكة، وقد قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾، فنهاهم عن الصلح فيها مطلقا.

فإن قيل: إنما منع الله تعالى من الدعاء إلى الصلح إذا كانت اليد عالية، ولم يمنع من الصلح، ونحن كذا نقول: إنه متى كانت اليد عالية؛ لا يجوز أن يدعوهم إلى الصلح، ولكن إذا دعوه هم إلى الصلح؛ جاز أن يصالح لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ (٣).

قيل: إن الآيتين إذا استعملتا من غير أن يُعترَض بإحداهما على


(١) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٢) سورة محمد، الآية (٣٥).
(٣) سورة الأنفال، الآية (٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>