للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأخرى؛ كان أولى، ونحن نحمل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ (١) على الحالة التي لا تحصل فيها القوة والغلبة، والآية الأخرى تمنع من الصلح إذا كانت القوة والغلبة، وقد كان وقت فتح مكة بهذه الصفة، على أنهم إن دعوه إلى الصلح ورضي به؛ فهو أيضا داع إليه، لا يقع إلا بتراض من الطائفتين جميعا.

وهذا الاستعمال الذي ذكرناه يؤدي إلى استعمال الشرطين جميعا.

على أنه قد قيل: إن قوله تعالى ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ (٢) كان في الحديبية (٣)، ثم نزل قوله تعالى بعد أن وعده بالفتح والنصر: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾ (٤) لأن الله قد وعدكم أنه يعذبهم بأيديكم، ويخزيهم، (٧٧) وينصركم عليهم، ويشف صدور قوم مؤمنين، ويذهب غيظ قلوبهم، فذكرنا ما يدل عليه القرآن.

فأما السنة؛ فإنه روي أن النبي قال فيما رواه أبو الزبير عن جابر


(١) سورة الأنفال، الآية (٦١).
(٢) سورة الأنفال، الآية (٦١).
(٣) "فيمن أريد بهذه الآية قولان: أحدهما: المشركون، وأنها نسخت بآية السيف، والثاني: أهل الكتاب. فإن قيل: إنها نزلت في ترك حربهم إذا بذلوا الجزية وقاموا بشرط الذمة؛ فهي محكمة. وإن قيل: نزلت في موادعتهم على غير جزية؛ توجه النسخ لها بآية الجزية". أفاده ابن الجوزي في زاد المسير (٣/ ٣٧٦) ونقل ابن جرير القول بنسخها عن قتادة وغيره، ورده بأنه لا دليل عليه، وأنها غير منسوخة من كل وجه وبين أنها منسوخة في المشركين فقط، وأما أهل الكتاب؛ فليست بمنسوخة على نحو ما ذكر ابن الجوزي، ونقل عن مجاهد أنها نزلت في بني قريظة. انظر تفسير ابن جرير (٥/ ٣٧٧٥ - ٣٧٧٦).
(٤) سورة محمد، الآية (٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>