للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: قول النبي : "فتحت بالسيف"؛ لا يعقل منه خوف السيف، وعلى أن خوف السيف لا يوجب صلحا؛ لأن النبي إذا علم خوفهم من السيف؛ لم يجز أن يصالحهم؛ لأنه لا يكون الخوف إلا ممن هو أعلى وأظهر، وقد نهى أن يصالح مع كونه أعلى وأظهر لقوله تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾، وإنما إذا وقعت المكافأة؛ جاز الصلح، وليس لقائل أن يقول: إنهم صالحوه خوف السيف؛ إلا ولقائل أن يقول: إنه صالحهم خوفا منهم، إذ لو لم يخفهم؛ لقهرهم وغلبهم، ومن هو قادر على الغلبة والقهر حتى يملكهم ويدخلهم تحت جميع أحكامه؛ لم يجز أن يدخل تحت بعض ما يختارونه وبعض ما يجري عليهم فيه حكمه وهو قادر على أعز الأمرين وأعلاه، فكيف وقد خبره الله تعالى أنه (٧٨) ينصرهم ويخزي الكافرين، ويعذبهم ويشفي صدور المؤمنين، وإذا كان هذا على ما ذكرناه؛ سقط ما ذكروه.

وأيضا فما روي عن بعض الصحابة قال: إن النبي أذن لنا يوم الفتح في قتال بني بكر حتى أصبنا منهم ثأرنا بمكة، ثم أمرنا برفع السيف" (١).

وهذا نص في أنها فتحت عنوة.

وأيضا فما رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله لما فتح مكة قال: "كفوا السلاح" (٢).

وأيضا فما رواه عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع


(١) أخرجه أحمد (٤/ ٣١ - ٣٢) عن أبي شريح الخزاعي. وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ١٧٩) وابن أبي شيبة (٣٧٩٠١) وابن المنذر في الأوسط (٦/ ٣٧٧) وقال الهيثمي في المجمع (٦/ ١٧٧ - ١٧٧): "رجاله ثقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>