فإن قيل: وكذلك حمله على القتال يسقط فائدة التخصيص؛ لأن من لا يمكنه دخول مكة إلا بقتال؛ كان له أن يدخلها بقتال، وحل القتال له، سواء كان نبيا أو غير نبي.
قيل: إنما غرضنا من هذا أنه دخل على غير صفة الصلح، وقد صح ذلك، ثم إننا نحمل الأمر على الأمرين جميعا ما ذكرتموه وما ذكرناه؛ لأنهما لا يتنافيان معا إلا بكون صفته صفة من دخلها صلحا.
فإن قيل: هذا لا يصلح حمله عليهما؛ لأنه مضمر، وادعاء العموم في المضمر لا يجوز.
قيل: هذا غلط، ليس هاهنا شيء مضمر، وإنما هو ذا يتأول، والتأويلان إذا لم يتنافيا؛ أن يكونا مرادين وحمله عليهما أولى؛ لأنه إن كان أحدهما هو الصحيح عند الله تعالى؛ فقد أصبناه لا محالة إذا استعملناهما جميعا، وإذا تركنا أحدهما؛ جاز أن يكون هو المراد فحمله عليهما أولى.
فإن قيل: فإن قصة علي ﵇ وهمه بقتل المشركَين في بيت أم هانئ (١) إنما كان ذلك لأنهما لم يقبلا عقد الصلح؛ لقول النبي ﵇:"من ألقى سلاحه، فهو آمن"، وكان عليهما السلاح.
قيل: إن عقد الصلح يقتضي الأمان على كل حال بعد أن لا يقاتلوا، فسواء علق عليه الثياب وهو لابس للسلاح، أو دخل المسجد وهو لابس السلاح، وكذلك لو دخل دار أبي سفيان وعليه السلاح ولم يقاتل؛ فهو آمن، وهذان (٨٠) قد دخلا دار أم هانئ وقالت: أجرتها، فقبل علي ﵁ قولها: