للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يعقل من قول أُبي: "عنوة"؛ الصلح.

فإن قيل: فإن الذي ذكرتموه من حديث أبي هريرة وترتيب الجيش؛ إنما كان خوفًا من غدرهم ومكرهم، لأن قريشًا كانوا يبغضون النبي ما لم يبغضه أحد، فصالحهم ورتب العسكر فزعًا وخوفًا من مكرهم وغدرهم، حتى إن غدروا؛ يكون العسكر مرتبًا مستعدًا.

وأما قوله: "احصدوهم حصدا"؛ فإنما قال هذا قبل الصلح، وذلك أن الصلح كان يوم الدخول، وهذا القول كان قبله بيوم حين نزل بمر الظهران، فحكم الصلح المتأخر أبطل هذا وأزاله.

والدلالة على أن هذا القول كان منه قبل الصلح بيوم؛ ما رواه أحمد بن سلمة، عن ثابت بن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة: أن رسول الله دعا بالأنصار فهرولوا إليه، فقال: "ألا ترون إلى أوباش (٨٢) إذا لقيتموهم غدا فاحصدوهم حصدا حتى تلقوني على الصفا" (١).

فأخبر أنهم يفعلون هذا غدا، والصلح كان في الغد، ألا ترى إلى ما روي من حديث العباس أنه قال: "لو دخل النبي إلى مكة على هذا؛ لهلكت قريش، فطلبت ذا حاجة لأخبره فيدخل مكة فيخبرهم، فرأيت أبا سفيان" تمام الحديث، إلى أن قال النبي للعباس: خذه إلى المضيق، فحمله حتى جاز عسكر النبي ، ثم قال له: الحق بقومك، فدخل أبو سفيان مكة فنادى: إن محمدًا قد أتاكم بجيش لا قبل لكم به، وإنه قد قال: من دخل داري؛ فهو آمن، قالوا: وما تغني دارك، قال: وقد قال: من دخل


(١) تقدم تخريجه (٥/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>