للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسجد؛ فهو آمن، ومن أغلق بابه؛ فهو آمن، ومن ألقى السلاح؛ فهو آمن، فتفرق الناس إلى منازلهم (١)، ودخلوا المسجد بالصلح، والأمان كان حيث دخل النبي مكة.

فالجواب: أما قولهم: "إنه رتب العسكر خوف غدرهم لأنهم كانوا يبغضونه"؛ فهذا دليل لنا، وذلك أن الله تعالى قد أظهره عليهم، وأقدره على الظفر بهم، فلا ينبغي أن يصالح قوما يبغضونه، ولا يأمن غدرهم ومكرهم، وأيش الذي دعاه إلى صلحهم وهو قادر عليهم، وقد خبّره الله تعالى بما خبّره وبشره.

وأما قولهم: "إنه قال لخالد وغيره من الأنصار: احصدوهم حصدًا" (٢)؛ فلولا أنه كان عزمه أن يدخلها قهرًا وأن الله تعالى قد أطلقه على ذلك؛ لم يكن ليقول لهم هذا وهو يظن أن صلحًا سيقع بينه وبينهم من غير حاجة إليه، ونحن نعلم أنه لا يقول: "احصدوهم حصدًا"؛ إلا وقد تيقن أنهم يقدرون على ذلك، وأن الله تعالى ينصرهم، فأما أن يكون في نفسه أن هذا ربما تم لهم وربما لم يتم لأن المشركين قد يظهرون عليهم؛ فكيف يأمرهم بأمر واجب أن يحصدوهم حصدًا، وهذا لا يكون مع العلم بأنهم يتمكنون من هذا، وإذا كان هذا هكذا؛ لم يجز له أن يصالحهم مع (٨٣) قدرته على قهرهم وقتلهم وإذلالهم، لكونهم مبغضين له [] (٣).

[وأما ما ذكرتم من] (٤) أنه قال لهم قبل الصلح؛ فإنه لم يقل لهم


(١) أخرجه البيهقي (٩/ ٢٠٠ - ٢٠١) وانظر البداية والنهاية (٤/ ٣٣٥ - ٣٣٧).
(٢) تقدم تخريجه (٥/ ١٤٧).
(٣) طمس بمقدار كلمتين.
(٤) زيادة ليست في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>