للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: المراد به مشركو قريش، أخبر الله تعالى أن قوارع النبي تطرق أهل مكة، وسراياه تأتيهم، وجعل لانقلاعها حدًا محدودًا وهو أنه تحل قريبًا من ديارهم (١).

قالوا: وهذا نص في مذهبنا؛ لأننا نقول: إن الرسول نزل بمر الظهران، وعقد عقد الأمان بقوله: من ألقى السلاح فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن (٢)، فانقطعت السرايا (٨٦) عنهم بعد ذلك، ومن قال: إنها عنوة؛ جعل أعظم القوارع تطرقهم وهو أن يحل قريبًا من دارهم، فقد خالف لا محالة مقتضى الظاهر.

قيل: هذا فاسد، وذلك أن "أو" للتخيير أو الشك، ولا يجوز أن تكون هاهنا للشك؛ لأن الله تعالى لا يشك، وتقدير الآية هو أنه تعالى قال: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ (٣) أي إن صنيعهم يوجب ذلك ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ (٤)، فوجب القارعة عليهم أيضًا لصنعهم، وليس تقدير "أو" هنا تقدير "حتى" فيكون معناه: حتى تحل قريبًا من دارهم، ثم لو كانت بمعنى حتى؛ لكان المراد: حتى تحل قريبًا من دارهم فتصيبهم كل القوارع وأعظمها، ألا تري أنه لو صرح بذلك؛ لكان صحيحًا.

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ (٥) أي النصر العزيز


(١) وروي نحوه عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم، وقيل: تحل القارعة قريبًا من دارهم، وهو مروي عن الحسن. نظر تفسير ابن جرير (٦/ ٤٧٤٣ - ٤٧٤٥).
(٢) تقدم تخريجه (٥/ ١٥٠).
(٣) سورة الرعد، الآية (٣١).
(٤) سورة الرعد، الآية (٣١).
(٥) سورة الرعد، الآية (٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>