للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله قال: "يجير على المسلمين أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم" (١).

وهذا الخبر أعم من الأول (٩٨)، فهو عموم في إجازة العبد، سواء أذن له سيده في القتال أم لا، وكذلك في الصبي.

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: "العبد المسلم رجل من المسلمين، ذمته ذمتهم" (٢).

فهو مساو لهم في كل شيء إلا أن تقوم دلالة، فهو يجير كما يجيرون.

وأيضًا فإنه مسلم بفعل الأمان؛ فصح أمانه كالحر، ولأن كل من صح أمانه إذا أذن له في القتال؛ صح أمانه وإن لم يؤذن له، دليله الأجير الحر.

فإن قيل: فإن العبد مملوك الرقبة، عقوده لا تصح إلا بإذن مولاه، فإذا أذن له في القتال؛ فقد أذن له في عقد ما يتعلق بالقتال وتركه.

قيل: لم يجعل الأمان إلا لحرمة الإسلام، فهو كالموت المتطوع بها، لا يحتاج فيها إلى إذن أحد، إذ لم يكن فيها ضرر على المولى، ألا ترى أن العبد لو أمر بمعروف أو نهى عن منكر وأحيا نفسًا من القتل بأن دفع عن مسلم أو ذمي؛ لم يحتج فيه إلى إذن السيد، كذلك إذا أمّن مشركًا وأحيا نفسه؛ لم يحتج إلى إذن سيده فيه، كالحر المؤاجر، وكالمرأة ذات الزوج، وكذلك الصبي إذا عقل الأمان لا يحتاج إلى إذن وليه في إعطاء الأمان،


(١) تقدم تخريجه (٥/ ١٧٣).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٩٤٠٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٣٣٩٥٠) وسعيد بن منصور (٢/ ٢٣٣) وابن المنذر في الأوسط (٦/ ٢٧٢ - ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>