للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوحي ينزل عليه إلى أن مات، فإذا كان الوحي ينزل عليه بالقرآن في سنة عشر وتمامها إلى أن قبض ، وكانت سورة براءة قد نزلت عليه لأنه حج سنة عشر، فلما رجع من حجه خرج إلى تبوك، ثم رجع ومات ، فإذا كان القرآن ينزل عليه في تمام سنة عشر؛ فيجوز أن يكون قوله تعالى: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ متأخر أنزل في سنة عشر أو في آخر سنة تسع، فإذا جاز ذلك ولم يعلم حقيقته؛ لم نحمله على النسخ.

والجواب الثاني: أننا لو سلمنا أنها متأخرة عما ذكرناه؛ لم يجز أن تكون منسوخة من ثلاثة أوجه:

أحدهما: أن النسخ إنما يصار إليه مع تنافي الاستعمال، وهو ها هنا ممكن (١).

والثاني: هو أن حكم الأسير واحد؛ لأنه قال تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ﴾ (٢).

والله تعالى لم يأمر بمجرد القتل، وإنما أمر بالقتل والأخذ والحصر، والأخذ هو الأسر، كما أنه تعالى أمر بضرب (١٠١) رقابهم وإثخانهم، ثم بيّن حكم المأخوذ والمأسور بقوله تعالى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾.

وإنما كان يكون الأمر كما قالوا أن لو قال تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ ثم سكت عن الباقي، ولم يقل: ﴿وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ﴾.

والجواب الثالث: - وهو أشدها - هو أن النسخ إنما يجوز في شيء


(١) ورجحه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٧٤٣٧).
(٢) سورة التوبة، الآية (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>