للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يبقى مشرك (١)، قال: والحرب هو عبارة عن الشرك".

وما فسر أحد غير هذين التفسيرين، فإذا كان كذلك؛ سقط ما ذكروه من هذا الوجه.

وأما قولهم: "إن ابن عباس ذكر أن هذه الآية منسوخة بقوله ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ " (٢)، فإننا نقول: قد روي عنه أنه قال: "قوله ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ إلى آخره غير منسوخ" (٣).

وروي عن ابن عمر مثل هذا، وذلك أنه روي أن الحجاج بن يوسف أسر قومًا من الكفار وقتلهم، فقال ابن عمر: ليس بهذا أمرنا، قال تعالى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ (٤).

وهذا منه يدل على أنها غير منسوخة، وأن المن والفداء ثابتان؛ لأنه أطلق جوازهما [] (٥) لا تكون حجة على صحابي مثله، فكيف وقد مضى عن ابن عباس أنها غير منسوخة فينبغي أن (١٠٢) [] (٦) الحكم لما ذكرناه في ذلك.


(١) نقله ابن جرير (٩/ ٧٤٣٧) عن قتادة من طريقين. وقال الجصاص: "فكان معنى الآية على هذا التأويل إيجاب القتال إلى أن لا يبقى من يقاتل". أحكام القرآن (٣/ ٥٢١ - ٥٢٣).
(٢) تقدم تخريجه (٥/ ١٨٩).
(٣) أخرج نحوه عبد الرزاق في المصنف (٩٤٠٤) عن ابن عباس.
ونقل الحافظ في الفتح (٧/ ٥٧٦) عن الضحاك أن قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ ناسخ لقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾. ونُقل أيضًا عن الحسن والسدي وعطاء والشعبي. انظر التوضيح لابن الملقن (١٧/ ١٩٥) وأحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٣١) قلت: وهذا كله يرد قول الجصاص المتقدم.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٣٧٢٢) وابن جرير في تفسيره (٩/ ٧٤٣٦).
(٥) طمس بمقدار كلمتين.
(٦) طمس بمقدار كلمتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>