فإذا فدا المشرك بمسلم؛ فقد أعان المسلمين على المشركين.
فإن قيل: فالفداء بالمال يحصل منه ما ذكرناه.
قيل: الجواب عن هذا من وجهين.
أحدهما: أن المال يتقوى به المسلمون أكثر مما يتقوى الكفار بكافر يطلق لهم.
والوجه الآخر: هو أنه يجوز ذلك إذا اجتهد (١٠٥) الإمام، وعلم أن فيه مصلحة لا مفسدة، فإن علم أن فيه مفسدة؛ لم يجز.
وجواب آخر: وهو أن الذي ذكروه باطل ليس من حيث كان المن والفداء مما يتضمنان المعاونة على المسلمين؛ مما يدل على أنه لا يجوز للإمام فعله، ألا ترى أن بالاسترقاق قد يوجد هذا المعنى لأنه يحصل عبدًا في أيدي المسلمين فيتجسس ويتحسس ويعرف الأخبار، فإذا حضر المضاف؛ أفلت إليهم وكاتبهم، ومع هذا فقد جاز الاسترقاق بلا خلاف.
وعلى أنه لو لم يجز الفداء؛ لأدى إلى أن يمتنعوا من الفداء على ما في أيديهم من المسلمين، فكان دخول الضرر على المسلمين بهذا أعظم، والله الموفق.
فأما الآلة والسلاح؛ فإنما لم يجز أن نبيعهم إياه لأن في ذلك تقويتهم لا محالة، ولا يؤدي ترك ذلك إلى أن لا يفادونا بما في أيديهم، فليس في بيعهم إياه مصلحة للمسلمين على وجه.
فإن قيل: فإن تقويتهم بالرجال إذا أطلقوا أشد من تقويتهم بالسلاح.