للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أن أصل الجهاد مبني على هذا؛ لأنه فرض على الكفاية ينوب فيه طائفة عن الباقين، فإذا تعين على إنسان؛ جاز أن يقوم غيره فيه مقامه؛ لأن المقصد المراد منه يحصل لمن ينوب عنه، وليس كذلك الصوم والصلاة والحج في أصله؛ لأنه ليس المقصد منه المعاونة، فلهذا كان فرضا على الأعيان في أصله.

فإن قيل: فإن النيابة لا تصح فيه لأنه ينوب في السير للقتال والصف، ولا ينوب في القتال نفسه، وهو إذا حضر الصف التقى الزاحف؛ فإن الفرض (١٢٤) [قد تعين عليه] (١)، فإذا كان الفرض قد تعين عليه؛ لم يجز أن يكون فيه نائبا عن غيره، وشابه هذا ما نقوله أن من كانت عليه حجة الإسلام؛ لما كان الفرض مستحقًا عليه؛ لم يجز حجه عن الغير، لا تطوعا، ولا بأجرة، ولا عن نفسه تطوعًا أو عن غير حجة الإسلام، بل إذا حج؛ يكون عن حجة الإسلام.

قيل: ليس كل شيء تعين عليه بدخوله فيه؛ يكون في ابتدائه متعينا عليه، ألا ترى أن المتطوع بالحج في الابتداء ليس بواجب عليه، وإذا دخل فيه؛ تعين فرض إتمامه عليه (٢)، كذلك المجعول له لم يكن الجهاد متعينًا عليه في الابتداء، فلما دخل فيه نائبًا عن غيره؛ تعين عليه بعد أن لم يكن متعينًا عليه، إلا أنه قد سد في جهاد العدو مسد الجاعل، وناب منابه في المراد منه.

وقولهم: "إنه [لا] (٣) ينوب عنه في القتال"؛ فالذي على المجاهد


(١) ما بين المعقوفتين مطموس بالأصل، والمثبت من السياق.
(٢) لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾.
(٣) ساقط من الأصل، والمثبت، والمثبت من الاعتراض قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>