للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فقد روي أن رجلًا أعطى رجلًا خمسة دنانير ليغزو عنه، فقال النبي : "ليس لك لغزوك إلا ما أخذت" (١).

قيل: هذا لا دلالة فيه؛ لأن هذا قضية في عين واحدة، فيحتمل أن يكون ممن حضر القتال وتعين عليه بالحضور فلا يأخذ عليه جعلا، ويحتمل أن يكون أراد: أنني لا أعطيك رزقًا من بيت المال كما أعطي الجيش الذين لهم أرزاق (٢)، ليس لك إلا ما أخذت من الرجل، ويحتمل أن يكون علم منه أنه لم يخلص النية الله تعالى في الجهاد، وإنما كانت نيته أخذ الدنانير حسب، وإذا احتمل هذا؛ لم يكن لهم أن يتأولوه بشيء إلا ولنا أن نتأوله على ما ذكرنا.

فإن قيل: فإن الجهاد فرض على الكفاية، فمن فعله؛ وقع عن فرضه، فلا يجوز أن يستحق على غيره عوضًا.

قيل: قد تكلمنا على هذا، وقلنا: هو فرض على الكفاية، فإذا اختار الدخول فيه على وجه النيابة؛ جاز.

فإن قيل: فإن المجاهد يستحق سهما من الغنيمة، فلو أن فعله واقع عن


(١) أخرجه أبو داود (٢٥٢٧) والبيهقي (٩/ ٥٠) بإسناد صحيح، ولفظ أبي داود: عن أبي يعلى بن منية قال: أذن رسول الله بالغزو وأنا شيخ كبير، ليس لي خادم، فالتمست أجيرًا يكفيني وأجري له سهمه، فوجدت رجلًا، فلما دنا الرحيل أتاني فقال: ما أدري ما السهمان، وما يبلغ سهمي؟ فسم لي شيئًا، كان السهم أولم يكن، فسميت له ثلاثة دنانير، فلما حضرت الغنيمة؛ أردت أن أجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبي فذكرت له أمره، فقال: ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى". ويظهر بهذا أن لفظ المصنف فيه اختصار شديد.
(٢) مردود بنص الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>