للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأخبر تعالى بأنه إذا خشي الجور فليتزوج بواحدة [أو] (١) يطأ ملك اليمين، فخير بين التزويج بواحدة وبين ملك اليمين، فدل على أن نكاح الواحدة ليس بواجب، إذ لو كان واجبا؛ لما وقع التخيير بينه وبين ملك اليمين الذي ليس بواجب (٢)؛ لأن التخيير إما أن يكون بين فرضين كل واحد منهما إذا فعل كان فرضا، أو بين نفلين أيهما فعل كان نفلا، [أما] (٣) بين فرض ونفل؛ [فلا] (٤)؛ لأنه إذا كان له أن يعدل عن الفرض إلى النفل؛ دل على أن المعدول عنه لم يكن فرضا؛ لأن النفل قد قام مقامه.

والدلالة [الثالثة] (٥) من الآية في قوله تعالى: ﴿فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يجوز ترك نكاح الواحدة بملك اليمين، وهذا يدل على أن النكاح بالواحدة ليس بواجب؛ إذ لو كان واجبا؛ لم يجز أن يعدل عنه مع القدرة عليه، ولأنه خير بين تزويج الواحدة وبين ملك اليمين، والتخيير لا يقع إلا بين متساويين؛ لامتناع أن يقال: إن شئت فصل الفرض أو صل [النقل] (٦)،


(١) في الأصل: ويطأ.
(٢) إذ لا يصح على مذهب أهل الأصول التخيير بين واجب وبين ما ليس بواجب؛ لأن ذلك مؤد إلى إبطال حقيقة الواجب، وأن يكون تاركه غير آثم. إكمال المعلم (٤/ ٥٢٣).
لكن قال ابن حجر: "وهذا الرد متعقب فإن الذين قالوا بوجوبه قيدوه بما إذا لم يندفع التوقان بالتسري، فإذا لم يندفع تعين التزويج، وقد صرح بذلك ابن حزم في المحلى: (٩/ ٣) فقال: "وفرض على كل قادر على الوطء إن وجد ما يتزوج به أو يتسرى أن يفعل أحدهما، فإن عجز عن ذلك فليكثر من الصوم". الفتح (١١/ ٣٥٠).
(٣) في الأصل: ما.
(٤) كلمة غير واضحة بالأصل، وما أثبته من السياق.
(٥) في الأصل: الثانية، وهو خطأ؛ لأن الدلالة الثانية تقدمت.
(٦) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>