للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثيب أحق بنفسها من الولي، وكونها (١٧) أحق بنفسها (١) هو أن الولي إذا طلب أن يزوجها وامتنعت هي؛ لم يكن له أن يزوجها، وإن طلبت هي التزويج؛ لم يكن له أن يمتنع، فإن امتنع؛ زوجها السلطان، فهي أحق بنفسها من الولي لما ذكرناه.

وأما كونه دلالة لنا من وجهين: فأحدهما: هو أنه قال: "أحق"، ولفظة "أفعل" في اللغة موضوعة للاشتراك، كما يقال: فلان أفضل وأعلم من فلان، وهذا أحلى من هذا، وهذا أمرُّ من هذا، فقد اشتركا في الحلاوة والمرارة، ولأحدهما فضل على صاحبه في الشيء الذي اشتركا فيه.

وكذلك أيضا قوله "أحق" يقتضي أن يشتركا في "أحق"، ولكن حقها هي أكثر لما ذكرناه.

وأبو حنيفة وأصحابه الموافقون له [يحملونه على الثيب] (٢)؛ لأنهم لا يجعلون للولي حقا في النكاح، [ولا يحمل على الثيب إلا بدلالة؛ لأنه يكون مجازا] (٣).

والوجه الثاني: هو أنه أثبت لها الولي في حال ما أثبت لها الحق، وهذا


(١) قال النووي: "يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق من وليها في كل شيء من عقد وغيره، كما قاله أبو حنيفة وداود، ويحتمل أنها أحق بالرضا، أي: لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر، ولكن لما صح قوله "لا نكاح إلى بولي" مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي؛ تعين الاحتمال الثاني". شرح مسلم (٩/ ١٧٢) ونحوه في الإكمال (٤/ ٥٦٦).
(٢) هكذا بالأصل، وفيه نظر لما سبق أنهم يحملونه على المرأة عموما سواء كانت بكرا أو ثيبا، ولعل صواب العبارة: "يحملونه على البكر والثيب".
(٣) هذه الجملة موضعها بالأصل عقب قوله: موضوعة للاشتراك، ولعل هذا هو مكانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>