للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النكاح إذا لم يعلم إذنها.

قيل: إنا نحمل قوله في الاستثمار على الاستحباب، "فإن سكتت فقد أذنت، وإن كرهت فلا إذن عليها" معناه: فليس عليها إذن أن تأذن (١)، وكذا نقول: إنه لا يلزمها أن تأذن؛ لأن النظر في ذلك إلى الأب.

فإن قيل: لا يخلو أن يكون ذلك حقا للأب أو لها، فإن كان الحق له دونها؛ فينبغي أن لا يسقط بامتناعه من تزويجها، وإن كان الحق لها دونه؛ فينبغي أن لا تجبر عليه إذا لم ترض، وفي اتفاقنا على أن السلطان يعقد عليها إذا امتنع الأب من تزويجها دليل على أن لا حق للأب فيه.

قيل: قد أخللتم بقسم آخر؛ وهو أن ذلك حق لهما جميعا، فحقه هو أنه ينظر لها ويحتاط، لأنها لا تعرف [الاختيار] (٢)، فيعقد عليها لمعرفته، وحقها هي هو أنه لا يكرهها إذا وضعها في غير كفء (٣)، وإذا امتنع من تزويجها بالكفء وعضلها؛ زوجها الحاكم؛ لأنه قد ترك حقه، وهذا كما تكون [ولايته] (٤) على مال ابنه الصغير، فإذا امتنع من النظر له في ماله؛ أقام


(١) ولكن لا يساعد عليه قوله "فإن كرهت .. " ومقابلته للإذن في الأول بعدم الإذن في الثاني.
(٢) في الأصل: الاختبار.
(٣) قال الرجراجي: "وذلك أن ولاية الجبر فائدتها اختصاص الولي بالنظر، واستبداده بالاختيار، وفيما يراه سدادا وصلاحا لوليته، من غير أن يشاركها في رأي، أو يطالعها في أمر، لا في تعين الزوج، ولا في تقدير المهر، لقصور عقلها عن إدراك مصالحها، وقلة خبرتها بأحوال الرجال، ولا جرم فقد وكل الشرع أمرها إلى من هو أشفق الناس عليها، وأكثرهم بها حنانا ورأفة ورحمة، وهو الأب في بنيه الصغار، والسيد في عبيده، فإذا ذهب جلباب الحياء عن وجهها، وباشرت الأمور بنفسها، وعرفت مصالحها، وما يراد منها وبها؛ فقد زال الجبر عنها لزوال علته، وهذا معنى مناسب للحكم، مخيل له". مناهج التحصيل (٣/ ٢٩٧).
(٤) في الأصل: ولاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>