للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقامه على وجه، فكذلك الجد ليس بأب على الحقيقة، وإن كان قد أقيم مقامه على وجه، ألا ترى أنه في الإطلاق إذا قال: رأيت أباك، ولقيت أباك؛ لم يسبق إلى الوهم أنه قصد الجد، ولو حلف بالله أو الطلاق أن يضرب أباه، أو يكلمه؛ لم يبر بفعل ذلك في جده.

وأما في الشريعة؛ فإن النبي قد أقامه مقام الأب في شيء مخصوص وهو الميراث، وقد [يقوم] (١) مقام الأب في الميراث من ليس بجد، مثله المولى إذا انفرد بالمال، وكذلك الأخ والعم.

وعلى أن الأب يأخذ المال كله مع وجود الإخوة، وليس كذلك الجد عندنا وعند الشافعي (٢)، فثبت أن الأب أقوى تعصيبا من الجد، فلهذا اختص بالنظر في مال ولده، وبالنظر في أبضاعهن بغير تولية من قبل أحد إلا من قبل الله تعالى.

فإن قيل: فقد روي عن النبي في اليتيمة، وقوله: "إنها يتيمة وإنها لا تنكح إلا بإذنها" (٣)، وهو حديث نافع عن ابن عمر أنه قال: "زوجني قدامة بن مظعون بنت خالي عثمان بن مظعون، فدخل المغيرة بن شعبة إلى أمها، فأرغبها في المال، فحطّت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فرغبت فيه، وزهدت فيّ، فجاء قدامة إلى النبي فقال: أنا عمها ووصي أبيها، وزوجتها من عبد الله، وما نقموا منه إلا أنه لا مال له، فقال : إنها يتيمة، وإنها


(١) في الأصل: تقدم، وما أثبته أنسب للسياق.
(٢) انظر عيون المجالس (٤/ ١٩٢٩ - ١٩٣١).
(٣) تقدم تخريجه (٥/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>