للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمواصلة، فإذا كانت قد اختبرت الرجال؛ فإنها أعرف بحظها من الولي، فوجب أن لا يفتات عليها الولي، ويكون الأمر لها.

قيل: فينبغي أن يزوجها في الحال قبل أن تبلغ، فلما لم يكن لإذنها في الحال حكم؛ علم أنها لم تختبر الرجال، ولم تعرف المنفعة في ذلك [ولا] (١) المضرة، وإنما يعرف ذلك ويحصله من اختبره مع كمال عقله.

ولنا أن نستدل في أصل المسألة بقول النَّبِيّ : "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن، فقيل: يا رسول الله! فإنها تستحيي فتسكت، فقال: سكوتها رضاها" (٢).

فإنما جعل النَّبِيّ سكوتها رضاها؛ لأنّها تستحيي فلا تتكلم، فإذا ذهبت عذرتها بالزنا؛ فهي أكثر حياء؛ لأنّها تذكر الزنا فتستحيي (٣)، فوجب أن يجعل سكوتها رضاها، وإذا ثبت هذا في الصغيرة إذا زنت؛ ثبت فيها إذا كانت بكرا.

ويجوز أن يجعل هذا المعنى فيها بنفسه عليها إذا كانت بكرا؛ بعلة أنها صغيرة تستحيي أن تتكلم بالإذن فيه، ومن زناها مكره تستحيي من ذكر الرجال


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) أخرجه مسلم (١٤٢١/ ٦٦).
(٣) أجيب بأن الحديث نص على أن الحياء يتعلق بالبكر، وقابلها بالثيب، فدل على أن حكمهما مختلف، وهذه ثيب لغة وشرعا، بدليل أنه لو أوصى بعتق كل ثيب في ملكه دخلت إجماعا، وأما بقاء حيائها كالبكر؛ فممنوع؛ لأنّها تستحي من ذكر وقوع الفجور منها، وأما ثبوت الحياء من أصل النكاح؛ فليست فيه كالبكر التي لم تجربه قط. أفاده ابن حجر في الفتح (١١/ ٤٧٨) وانظر أيضًا نيل الأوطار (٦/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>