للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى ابن لهيعة عن يعقوب بن إبراهيم، عن الضحاك بن عثمان، أن أبا بكر الصديق قال: "لا يجوز نكاح السر حتَّى يعلن به ويشهد عليه" (١).

وليس السر بأكثر من التواصي بكتمانه، والتواصي بكتمانه هو أن يقول: اكتموه، أو يقولوا: ننكح بحيث لا يعلم غيرنا ونكتم ذلك، فسواء كان هناك شهود فعلموا على هذا، فهو بمنزلة ما لم يحضر شهود وتواصوا به، فإنهم أوقعوه على أن لا يظهر، فهو خلاف الشريعة.

وأيضا فإن السفاح الذي هو حرام يوقعونه مكتوما، فوجب أن يكون النكاح بالضد منه، حتَّى يَبِين الفرق بينهما في الحلال والحرام (٢).

فإن احتجوا بالظواهر من قوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ (٣) ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ (٤).


= وقال ابن عبد البر: "قال ابن وضاح: هذا تغليظ من عمر. ثم قال: معلوم أن الرجم إنما يجب على الزاني، والزاني من وطئ فرجا لا شبهة له في وطئه". الاستذكار (١٤/ ٢٤١) وفي قوله "ولو تقدمت فيه لرجمت" تأويلان: أحدهما: يعني لو تقدمت فيه فخولفت.
والثاني: يعني لو تقدمت بالواجب وتعديت إلى ما ليس بجائز؛ لرجمت. الحاوي الكبير (٩/ ٥٩).
(١) ذكره سحنون في المدونة (٢/ ٣٠٨) بهذا السند، وفيه ابن لهيعة ضعيف.
(٢) نحوه لابن الهمام في شرح فتح القدير (٣/ ١٩٢) وقال: "التحقيق أنه لا خلاف في اشتراط الإعلان، وإنما الخلاف بعد ذلك في أن الإعلان المشترط هل يحصل بالإشهاد حتَّى لا يضر بعده توصيته للشهود بالكتمان؛ إذ لا يضر بعد الإعلان التوصية بالكتمان، أو لا يحصل بمجرد الإشهاد حتى يضر، فقلنا: نعم، وقالوا: لا، ولو أعلن بدون الإشهاد؛ لا يصح؛ لتخلف شرط آخر وهو الإشهاد، وعنده يصح، فالحاصل أن شرط الإشهاد يحصل في ضمنه الشَّرط الآخَر، فكل إشهاد إعلان ولا ينعكس".
(٣) سورة المائدة، الآية (١).
(٤) سورة النور، الآية (٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>