للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: هذا غلط؛ لأننا اعتبرنا ما اعتبره النبي في استحباب الشهرة لا في وجوبها، بدليل قياس الأصول التي تكشف عن الحكم ويسقط معها الوجوب، فأدانا ذلك إلى [أن] (١) النبي اعتبر الشهادة في أنها مسنونة لا واجبة، واعتبرنا أيضًا ما اعتبره هو ، وأن نكاح السر منهي عنه، فمن أي وجه اعتبرنا ما لم يعتبره ، وتركنا ما اعتبره؟! بل أنتم فعلتم ذلك.

فإن قيل: فإن هذا ليس بنكاح سر لا شرعا، ولا لغة، فأما من حيث الشرع؛ فهو أن النبي الأمر فيه بأربعة فقال: "كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح" (٢)، وهذا قد حضره خمسة.

وأما من حيث اللغة؛ فهو أن السر ما يكون بين نفسين، فأما بين ثلاثة وأربعة وخمسة؛ لا يقال له سرا، ألا ترى أن قول الشاعر:

وسرك ما كان عند امرئ … وسر الثلاثة غير الخفي

وقال آخر:

فلا تَمْذَل بسرك كل سر … إذا ما جاوز الاثنين فاش (٣)

قيل: أما في الشريعة؛ فإن النبي قال: "كل نكاح لا يحضره أربعة فهو سفاح" (٤)، ولم يَرد فيه إذا تواصوا بالكتمان، فإذا حضره أربعة ولم يتواصوا به؛ فهو الشرعي الذي ذكره ، وإذا تواصوا بكتمانه؛ فليس هو


(١) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٢) تقدم تخريجه (٥/ ٣٩٨).
(٣) البيت لقيس بن الخطيم كما في تاج العروس مادة (مذل) واللسان مادة (مذل).
(٤) تقدم تخريجه (٥/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>