للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي أطلقه ، فخرج أن يكون شرعيا.

يقوي هذا ما نهي عنه من نكاح السر، فإذا أضفنا هذا إلى خبركم؛ فكأنه قال: "كل نكاح لا يحضره أربعة ويكون سرا؛ فهو سفاح، وإذا حضره أربعة ولم يوقعوه سرا؛ فهو نكاح".

وأما في اللغة؛ فإن السر ما استكتم، أو قصد كتمانه، سواء كان اثنين، أو أكثر، وقول الشاعر: "وسر الثلاثة غير الخفي" معناه: إذا لم يتواصوا بكتمانه، فأما إذا تواصوا؛ فإنه يخفى كما يخفى إذا استكتمه الواحد والاثنان، وربما قصد الإنسان كتمان شيء، فحدث به الواحد والاثنين، ولم يعلمهما أنه يريد كتمانه فإنه يفشوا، فإذا استكتمهما وأعلمهما أنه يريد كتمانه؛ [فإنه لا يفشو] (١).

وعلى أنه لا يمتنع أن يقع النهي عن الاستكتام وإن كان ربما ظهر، فالنبي منع من استكتامه وإن كان قد ظهر في ثاني، وقد يغلظ في الشريعة الشيء لأجل غيره، وإن كان ذلك الشيء ربما وقع، وربما لم يقع، ألا ترى أن وطء الحائض ممنوع في الفرج وقد منع مما قاربه (٢)، والمُحرِم مُنِع الطيب وعقد النكاح؛ لأن لا تدعوه نفسه إلى الوطء فيطأ، وربما لم يطأ، ولم يمنع من ذلك، ولا يمتنع أن يكون النهي عن الاستكتام واجبًا؛ لأنَّهُ ربما انكتم، وقد يجوز أن لا ينكتم.

فإن قيل: فإنه نهى عن نكاح السر يعني عن الزنا (٣)، ويكون كناية عنه


(١) ساقط من من الأصل.
(٢) انظر ما تقدم في كتاب الطهارة (٣/ ٥٠١).
(٣) تقدم تخريجه (٥/ ٤٠٦) وتفسير السر بالزنا هو قول جابر بن زيد والحسن البصري وقتادة وغيرهم ورجحه ابن جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>