للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل لقولنا هو أن الله تعالى رتب الشهادات، فقال في آية الدين ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ (١). فكان هذا حقا في الأصول.

فلما قال: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ بعد ذلك؛ حملت الشهادات في التبايع على ما ذكرنا في الدين، فكان كل ما تعلق بالأموال مثل ذلك (٢).

وقال تعالى في موضع: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (٣)، ولم يذكر شهادة النساء فقيل: إن هذا في الطلاق، وقيل: في الرجعة، فكان هذا في موضع يتعلق به الحكم في الأبدان، فصارت شهادة الرجال دون النساء في كل موضع يثبت به حكم في البدن، وغلظ في شهادة الزنا بزيادة في العدد، وخص الموضع الذي لا يطلع عليه الرجال بقبول شهادة النساء منفردات للضرورة، فلما كانت هذه الشهادات قد رتبت هذا الترتيب؛ وجب أن لا يقبل في النكاح والطلاق والرجعة إلا الرجال؛ لأنَّهُ إثبات حكم يتعلق بالأبدان.

وأيضا قوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (٤) فقيل: هو في الطلاق، وقيل: في الرجعة، فلما نص على ذَوي عدل؛ لم يجز تعديهما إلى


(١) سورة البقرة، الآية (٢٨١).
(٢) قال ابن القيم: "وقد أجمع المسلمون على أنه يقبل في الأموال رجل وامرأتان، وكذلك توابعها من البيع والأجل فيه، والخيار فيه، والرهن، والوصية للمعين، وهبته، والوقف عليه، وضمان المال وإتلافه، ودعوى رق مجهول النسب، وتسمية المهر، وتسمية عوض الخلع، ويقبل في ذلك كله رجل وامرأتان". إعلام الموقعين (١/ ١٧٣).
(٣) سورة الطلاق، الآية (٢).
(٤) سورة الطلاق، الآية (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>