للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: عن هذا أجوبة:

أحدها: أنه يحتاج إلى دلالة تدل على أن المرأة داخلة فيه حتَّى يغلب التذكير، وإلا فالأصل إذا تجرد تناول الذكران حتَّى يقوم دليلٌ (١).

وجواب آخر: وهو أن هذا يمكن إذا قال: "وأشهدوا عدلا أو ذَوي عدل أو شهودا"؛ لأن الرجل والمرأتين ثلاثة في العدد، فلما قال: ﴿ذَوَىْ عَدْلٍ﴾؛ علم أنه أراد شخصين، [فلو] (٢) أراد الذكر والأنثى؛ لكان يقتضي رجلا وامرأة واحدة حتَّى يكونا ذوي عدل، ويغلب المذكر على المؤنث.

وجواب آخر وهو أن قوله : "بولي وشاهدي بولي" (٣) عبارة عن شخصين، كل واحد منهما على انفراده، بانفرادهما شخصان لا يتناولهما


= وعلى هذا فقوله ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ يتناول الصنفين، لكن استقرت الشريعة على أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، فالمرأتان في الشهادة كالرجل الواحد، بل هذا أولى؛ فإن حضور النساء عند الرجعة أيسر من حضور من عند كتابة الوثائق بالديون، وكذلك حضورهن عند الوصية وقت الموت، فإذا جوز الشارع استشهاد النساء في وثائق الديون التي يكتبها الرجال مع أنها إنما تكتب غالبًا في مجامع الرجال؛ فلأن يسوغ ذلك فيما تشهده النساء كثيرًا كالوصية والرجعة أولى". إعلام الموقعين (١/ ١٧٣ - ١٧٤) وانظر أيضًا فتح الباري (٧/ ١١٥).
(١) وأيضا فإن هذا وإن صح في الجمع؛ فإن المذكر والمؤنث بلفظ التثنية يمنع من حمله على الجمع؛ لأن من أهل اللغة من يحمل الجمع على التثنية، وليس فيهم ولا في الفقهاء من يحمل التثنية على الجمع، فإن حمله على شاهد وامرأة خالف مذهبه، وقول الأمة، وإن حمله على شاهد وامرأتين؛ خالف لفظ التثنية إلى الجمع، ولو أن رجلا قال: رأيت رجلين -وقد رأى رجلا وامرأتين-؛ لم يصدق في خبره، فبطل ما تأولوه. أفاده المَاوَرْدِيُّ في الحاوي الكبير (٩/ ٥٩).
(٢) في الأصل: فلما.
(٣) تقدم تخريجه (٥/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>