للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقصود منه المال فإذا لم يثبت بشهادة النساء على الانفراد؛ لم يثبت بشهادتهن مع الرجال؛ أصله إثبات الحدود والقصاص.

وقولنا: "كل ما لم يكن المقصود منه المال"؛ احتراز من الديون، والأروش (١)، وجنايات الخطأ؛ لأن المقصود من إثباته المال، فقبل فيه شاهد وامرأتان (٢)، وإن لم يحكم فيه بشهادة النساء منفردات.

وقولنا: "وإن لم يحكم فيه بشهادة النساء على الانفراد"؛ احتراز من الولادة؛ لأنّها تثبت بشاهد وامرأتين، ولأنها تثبت بالنساء منفردات.

وأيضا فإن كل جنس لا يثبت النكاح بشخصين فيه؛ فإنه لا مدخل لذلك الجنس في ثبوته، أصله العبد؛ لما لم يثبت النكاح بعبدين ورجل؛ فكذلك لا يثبت بامرأتين ورجل.

وأيضا فإن النكاح عقد يستباح به إتلاف عضو، وما يجري مجرى الإتلاف لا يستباح به الوطء، فإن كانت بكرا؛ فهو إتلاف في الحقيقة، وإن كانت ثيبا، فالوطء يجري مجرى الإتلاف، وكل معنى يستباح به إتلاف عضو


(١) أرش الجراحة ديتها، والجمع أروش، مثل فلْس وفلوس، وأصله الفساد، يقال: أرّشت بين القوم تأريشا إذا أفسدت، ثم استعمل في نقصان الأعيان؛ لأنَّهُ فساد فيها. المصباح المنير (١٤ - ١٥).
(٢) وإنما كان ذلك فى الأموال دون غيرها؛ لأن الأموال كثر الله أسباب توثيقها لكثرة جهات تحصيلها، وعموم البلوى بها وتكررها، فجعل فيها التوثق تارة بالكتابة، وتارة بالإشهاد، وتارة بالرهن، وتارة بالضمان، وأدخل في جميع ذلك شهادة النساء مع الرجال، ولا يتوهم عاقل أن قوله تعالى ﴿إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ﴾ يشتمل على دين المهر مع البضع، وعلى الصلح على دم العمد، فإن تلك الشهادة ليست شهادة على الدين، بل هي شهادة على النكاح، وأجاز العلماء شهادتهن منفردات فيما لا يطلع عليه غيرهن للضرورة. الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>