للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن إثباته يفتقر إلى ذكرين، كالقطع في السرقة (١).

وأيضا فإن النكاح بني أمره على الكمال والتمام، ألا ترى أنكم اعتبرتم في صحته عقد الشهادة [واعتبرناها] (٢) كماله، فوجب أن يعتبر فيه الذكور؛ لأن الذكر أكمل حالًا من الأنثى.

وأيضا فإنه حق يثبت في البدن مما يطلع عليه الرجال في الأغلب، فوجب أن لا يثبت بشهادة النساء، أصله إثبات الحدود والقصاص.

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾ (٣).

فأقام الرجل والمرأتين مقام الرجلين ولا يخلو إما أن يكون أقامهم مقام الرجلين عند عدم الرجلين (٤)، أو أقامهم مقامهما في الاسم، فبطل أن يكون أقامهم مقامهما عند عدمهما؛ لأن الرجل والمرأتين يقبلان مع وجود


(١) قال أبو عبيد: "أما اتفاقهم على جواز شهادتهن في الأموال؛ فللآية المذكورة، وأما اتفاقهم على منعها في الحدود والقصاص؛ فلقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ﴾، وأما اختلافهم في النكاح ونحوه؛ فمن ألحقها بالأموال؛ فذلك لما فيها من المهور، والنفقات، ونحو ذلك، ومن ألحقها بالحدود؛ فلأنها تكون استحلالا للفروج وتحريمها بها .. وهذا هو المختار، ويؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ﴾، ثم سماها حدودا فقال: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ والنساء لا يقبلن في الحدود، وكيف يشهدن فيما ليس لهن فيه تصرف من عقد ولا حل". نقله عنه الحافظ في الفتح (٧/ ١١٥).
(٢) في الأصل: واعتبرنا.
(٣) سورة البقرة، الآية (٢٨١).
(٤) وانتصر له ابن القيم في الطرق الحكمية (١٤٨) ولم يرتضه ابن عطية فقال: "وهذا قول ضعيف، ولفظ الآية لا يعطيه، بل الظاهر منه قول الجمهور". المحرر الوجيز (٢/ ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>