للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذكرين (١)، فدل على أنه أقامهم مقامهما في التسمية، وهو أن الرجل والمرأتين شهيدان كالرجلين، وإذا كانا شهيدين؛ ثبت النكاح بهم؛ لأن النكاح يثبت بالشهيدين، فيكون تقدير الآية على هذا: "فإن لم يكن الشهيدان رجلين".

والدلالة الثانية منها هو أنه قد قال: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ فقد قرئ "فتُذْكِر" خفيفة (٢)، وقرئ "فتذكِّر" مشددة (٣)، فمن قرأ "فتُذْكِر" مخففة؛ أراد أنها تُذكر الأخرى الشهادة إذا نسيت، ومن قرأ فتذكِّر مشددة؛ معناه: أن تُصيِّر إحداهما الأخرى في حكم الذكر (٤)، فإذا [صيرتها] (٥) في حكم الذكر؛ انعقد به النكاح، فثبت حكمه؛ لأنَّهُ ذكر انضم إلى من هو في حكم الذكر.

قيل: أما الوجه الأول فقد أجبنا عنه، وقلنا: لا يخلو أن يكون قوله تعالى: ﴿فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ بدلا من قوله تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ﴾، فينبغي أن تكون القراءة "فرجلا وامرأتين" بالنَّصب، أو يكون مبتدأ له خبر بعده محذوف، أو يكون هو خبر شيء محذوف يرتفع به، فيكون تقديره: "فإن لم يكونا رجلين فيقوم مقامهما رجل [وامرأتان] (٦) "، أو "رجل وامرأتان


(١) انظر أحكام القرآن لا بن العربي (١/ ٣٣٤) والمحرر الوجيز لابن عطية (٢/ ٥٠٧).
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو.
(٣) وهي قراءة الباقين، انظر المحرر الوجيز (٢/ ٥٠٧).
(٤) عكس هذا ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٣٣٧) وكذا القرطبي في الجامع (٢/ ٣٣٩) وابن عطية (٢/ ٥١١ - ٥١٢) وقال القرطبي في القول الأخير الذي ذكره المصنف: "وفيه بعد، إذ لا يحصل في مقابلة الضلال الذي معناه النسيان إلا الذكر، وهو معنى قراءة الجماعة "فتذكّر" بالتشديد؛ أي تنبهها إذا غفلت ونسيت. قال: وإليه ترجع قراءة أبي عمرو؛ أي إن تنس إحداهما فتذكرها الأخرى، يقال: تذكرت الشيء وأذكرته غيري وذكرته بمعنى، قاله في الصحاح".
(٥) في الأصل: صيرته.
(٦) في الأصل: وامرأتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>